إنجلترا في فترة العصور الوسطى العليا
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
يتضمن تاريخ إنجلترا في العصور الوسطى العليا الفترة بين غزو النورمان لإنجلترا عام 1066 وبين موت الملك جون الذي يعتبره البعض آخر الملوك الأنجويين لإنجلترا عام 1216. أدى الصراع على وراثة العرش والانتصار في معركة هاستنجز إلى احتلال إنجلترا من قبل الملك وليام الأول من نورماندي عام 1066. ربط هذا الحدث بين العرش الإنجليزي وممتلكات فرنسا، كما جلب أسرة أرستقراطية أخرى إلى البلاد لتسيطر على ملكية الأراضي والحكومة والكنيسة.
الفترة الزمنية | |
---|---|
البداية | |
النهاية | |
المنطقة |
أحد جوانب |
---|
أحضر الغزاة معهم لغتهم الفرنسية وحافظوا على حكمهم من خلال نظام من القلاع وإدخال نظام الملك الإقطاعي لتنظيم ملكية الأراضي. لدى وفاة وليام في عام 1087، كانت إنجلترا تمثل القسم الأكبر من إمبراطورية إنجليزية نورماندية، يحكمها النبلاء الذين يملكون الأراضي على امتداد إنجلترا ونورماندي وويلز. تنازع أبناء وليام على خلافته في ملك أراضيه، ليخرج وليام الثاني من هذه المنافسة حاكمًا لإنجلترا ومعظم نورماندي. لدى وفاته عام 1100 أعلن شقيقه الأصغر عن نفسه كولي للعهد باسم هنري الأول، وهزم أخاه روبرت معيدًا توحيد إنجلترا مع نورماندي. كان هنري حاكمًا قويًا فعالًا بالرغم من كونه عديم الرحمة. بعد موت ابنه ووريثه الذكر الوحيد في حادثة السفينة البيضاء، أقنع هنري نبلاء بلاطه بالاعتراف بابنته ماتيلدا كولية للعهد. بعد وفاة هنري عام 1135، طلب ستيفن كونت بلوا ابن عم ماتيلدا تنصيبه ملكًا، ما أدى إلى حرب أهلية عرفت باسم سنوات الفوضى. أدت في النهاية إلى اعتراف ستيفن بابن ماتيلدا هنري كوريث له، وعندما مات ستيفن في عام 1154 خلفه ابن ماتيلدا الذي حمل اسم الملك هنري الثاني.
امتلك هنري الثاني -الذي يعتبر أول ملك أنجوي لإنجلترا- أملاكًا واسعة في فرنسا كما ثبت سلطته على ويلز واسكتلندا وأيرلندا. اصطدم هنري مع المطران الذي عينه على مطرانية كانتربيري توماس بيكيت، ما أدى إلى مقتل بيكيت وندم هنري الذي طلب السماح على قبره. اتصفت الفترة اللاحقة من حكم هنري بانتشار حركات التمرد التي شملت أبناءه وفيليب الثاني الفرنسي، والتي أجبرته على القبول بابنه ريتشارد كوريث وحيد. تبوأ ريتشارد الملك الأنجوي بعد موت هنري عام 1189 وغادر مباشرة تقريبًا في حملة صليبية. خلال عودته اختطف في ألمانيا وطُلبت فدية ضخمة لإطلاق سراحه عام 1194. أمضى ريتشارد بقية فترة حكمه في استعادة أراضيه الفرنسية قبل أن يموت عام 1199.
خلفه شقيقه الأصغر جون في حكم إنجلترا، وخاض حربًا ناجحة ضد آرثر ابن شقيقه للسيطرة على الممتلكات الفرنسية. أدى سلوك جون إلى حركات تمرد من قبل النبلاء النورمانديين والأنجويين ما أفقده السيطرة على ممتلكاته القارية الأوروبية في فرنسا. فشلت محاولاته في استعادة النورماندي وأنجو بعد معركة بوفين. أضعفت هذه الهزيمة موقفه في إنجلترا، ما أدى في النهاية إلى اتفاقية عرفت باسم الوثيقة العظمى حددت السلطات الملكية، وبداية حرب البارونات الأولى. يعتبر بعض المؤرخين أن وفاته عام 1216 تمثل نهاية الفترة الأنجوية وبداية حكم سلالة بلانتاجانت.
تبنى النورمانديون العديد من المؤسسات الحكومية الأنغلوسكسونية، لكن النظام الإقطاعي أدى إلى تركيز سلطة أكثر بيد الملك والنخبة القليلة الحاكمة. أصبحت حقوق وواجبات النساء محددة بشكل أوضح. بقيت نساء الطبقة الأرستقراطية رموزًا ثقافية ودينية هامة، كما لعبن دورًا هامًا في الأحداث السياسية والعسكرية. خلال القرن الثاني عشر بدأت الخلافات بين الغزاة والسكان الإنجليز بالزوال إذ بدأ الطرفان يعتبران نفسيهما متفوقين على جيرانهما السلتيين. أدى احتلال إنجلترا إلى وصول رجال الكنيسة النورمان والفرنسيين إلى السلطة، وإلى إصدار أوامر إصلاحية دينية وعسكرية جديدة في إنجلترا. بحلول بدايات القرن الثالث عشر كانت الكنيسة قد ربحت بوضوح قضية انفصالها عن السلطة، وبذلك كانت تابعة بشكل كلي تقريبًا للفاتيكان. كانت الهجرة الدينية (الحج) ممارسة دينية شائعة، كما أصبحت الآثار الدينية المتراكمة والجثامين المقدسة أمورًا شديدة الأهمية للمؤسسات الدينية الراغبة في التوسع. لعبت إنجلترا دورًا بارزًا في الحملات الصليبية الثالثة والرابعة والخامسة.
بين القرنين التاسع والثالث عشر، عاشت إنجلترا فترة تغير مناخي معروفة باسم الحقبة القروسطية الدافئة، وهي فترة طويلة من ارتفاع درجات الحرارة الذي ساعد على زيادة قابلية استصلاح وزراعة الأراضي الفقيرة. كانت الأراضي الزراعية منظمة عمومًا بشكل مزارع. بحلول القرن الحادي عشر كان اقتصاد السوق مزدهرًا على امتداد معظم إنجلترا، في حين كانت المدن الشرقية والجنوبية عالية النشاط في مجال التجارة الدولية. بُنيت المئات من المدن الجديدة التي كان بعضها مدنًا مخططة، ما ساعد على انتشار النقابات المهنية والأسواق الشعبية.
اتسمت الحرب الإنجليزية النورماندية بحملات من معارك الاستنزاف والغزو واحتلال القلاع. مكنت القوى البحرية من نقل الجنود والإمدادات، بالإضافة إلى شن هجمات على الأراضي والأساطيل البحرية المعادية. بعد الاحتلال بنى النورمانديون قلاعًا خشبية عديدة في المرتفعات، والتي حلت القلاع الحجرية محلها في القرن الثاني عشر. ظهرت هذه الفترة التاريخية في الكثير من الأعمال الأدبية والثقافية منها مسرحيات وليم شكسبير. أدى تصوير الكاتب والتر سكوت لموقع حياة روبن هود وزمن نشاطه في عهد الملك ريتشارد الأول، بالإضافة إلى التركيز على الصراع بين السكسونيين والنورمانديين إلى التمهيد لظهور هذه الشخصيات في اقتباسات خيالية وسينمائية لاحقة.