ناطحات السحاب المبكرة
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
ناطحات السحاب المبكرة هي عبارة عن مجموعة من المباني التجارية الشاهقة التي بُنيت بين عامي 1884 و1945 في المدن الأمريكية مثل نيويورك وشيكاغو في غالب الأمر. تكونت المدن في الولايات المتحدة بشكل تقليدي من مباني منخفضة الارتفاع، لكن النمو الاقتصادي الكبير الذي حدث بعد الحرب الأهلية والاستخدام المكثف والمتزايد للأراضي الحضرية شجع على تطوير مباني أطول بدءًا من سبعينيات القرن التاسع عشر. مكنت التحسينات التقنية من إنشاء هياكل معدنية مقاومة للحريق ذات أسس عميقة، ومجهزة باختراعات جديدة مثل المصاعد والإضاءة الكهربائية. مكن هذا الأمر من بناء فئة جديدة من المباني الطويلة من الناحية التقنية والتجارية، كان أولها مبنى بيت التأمين في شيكاغو الذي يبلغ طوله 42 مترًا في عام 1885. نمت أعداد هذه المباني بسرعة، وبحلول عام 1888 صُنفت على أنها ناطحات سحاب.
في بداية الأمر، قادت شيكاغو الطريق لتصميم ناطحات السحاب، إذ بُني العديد منها في وسط الحي المالي خلال أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن التاسع عشر. سُميت أحيانًا بمنتجات مدرسة شيكاغو المعمارية، حاولت ناطحات السحاب هذه الموازنة بين الاهتمامات الجمالية والتصميم التجاري العملي، وأنتجت مباني كبيرة على طراز قصر مربع، يستضيف المتاجر والمطاعم في الطابق الأرضي ويحتوي على مكاتب قابلة للتأجير في الطوابق العليا. على النقيض من ذلك، كانت ناطحات السحاب في نيويورك عبارة عن أبراج أكثر ضيقًا، وكانت أكثر انتقائية في الأسلوب وغالبًا ما تعرضت للنقد بسبب افتقارها إلى الأناقة. حظرت شيكاغو في عام 1892، بناء ناطحات السحاب الجديدة التي يبلغ ارتفاعها أكثر من 46 مترًا، تاركة تطوير المباني الأطول لنيويورك. ظهرت موجة بناء جديدة لناطحات السحاب في العقد الأول من القرن العشرين. استمر الطلب على المساحات المكتبية الجديدة لاستيعاب القوى العاملة الأمريكية المتزايدة من الموظفين ذوي الياقات البيضاء. جعلت التطورات الهندسية من بناء المباني العالية والعيش فيها أمرًا سهلًا. بنت شيكاغو ناطحات سحاب جديدة بأسلوبها الحالي، بينما جربت نيويورك تصميم البرج. تبعت المباني الشهيرة مثل مبنى فلاتيرون، مبنى سانجر الذي يبلغ طوله 187 مترًا وبرج ميت لايف الذي يبلغ طوله 201 مترًا ومبنى وول وورث البالغ طوله 241 مترًا. تصاعدت الانتقادات ضد ناطحات السحاب على الرغم من نجاحها من الناحية التجارية، فقد كسرت خط الأفق المنتظم في المدن وأغرقت الشوارع والمباني المجاورة في ظل دائم. أدى هذا جنبًا إلى جنب مع الانكماش الاقتصادي، إلى إدخال قيود تقسيم المناطق في نيويورك عام 1916.
انتشرت ناطحات السحاب في جميع المدن الأمريكية الرئيسية تقريبًا، في فترة ما بين الحربين العالميتين. شجع الازدهار الاقتصادي في عشرينات القرن العشرين والمضاربة العقارية الواسعة، موجة من مشاريع ناطحات السحاب الجديدة في كل من نيويورك وشيكاغو. ساعد قرار تقسيم المناطق لعام 1916 في مدينة نيويورك في تشكيل أسلوب الآرت ديكو أو نمط «التراجع» لناطحات السحاب مما أدى إنشاء هياكل ركزت على الحجم والظلال المذهلة، وغالبًا ما كانت مزينة بشكل غني.
استمر ارتفاع ناطحات السحاب في النمو، مع تحقيق كل من مبنى كرايسلر ومبنى إمباير ستيت لرقم قياسي جديد، إذ وصلت إلى 312 مترًا و380 مترًا على التوالي. انهار سوق العقارات مع بداية الكساد الكبير، وتوقفت المباني الجديدة عن العمل. احتضنت الثقافة الشعبية والأكاديمية ناطحة السحاب من خلال الأفلام والتصوير الفوتوغرافي والأدب والباليه، واعتُبرت المباني إما رموزًا إيجابية للحداثة والعلوم أو أمثلة على علل الحياة الجديدة والمجتمع. رُفضت مشاريع ناطحات السحاب بعد الحرب العالمية الثانية تصميمات ناطحات السحاب المبكرة وتبنت بدلًا من ذلك الأسلوب الدولي، أُعيد تصميم العديد من ناطحات السحاب القديمة لتناسب الأذواق المعاصرة، وقد هُدمت في بعض الحالات مثل مبنى سانجر الذي كان أعلى ناطحة سحاب في العالم.