الرق في مستعمرات إسبانيا في العالم الجديد
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الرق في مستعمرات إسبانيا في العالم الجديد، نظام اجتماعي وُجِد عبر أرجاء الإمبراطورية الإسبانية. في الأراضي الأمريكية، طُبّق نظام الاستعباد هذا بحقّ السكان الأصليين وفيما بعد على الأفراد من ذوي الأصول الأفريقية.
المنطقة |
---|
أحد جوانب | |
---|---|
فرع من |
ألغى النظام الملكي الإسباني استرقاق الأمريكيين الأصليين بشكلٍ متدرّج في السنوات الأولى للإمبراطورية ابتداءً بقانون بورغوز للعام 1512 حتّى طُبّق بشكل كامل في القوانين الجديدة في العام 1543. أدّت القوانين الجديدة إلى إلغاء نظام إنكوميندا، الذي منح الأفراد الإسبانيين وسلالتهم الميستيثو حقّ استعباد الأمريكيين الأصليين. نتج عن تطبيق القوانين الجديدة وتحرير الألوف من الأمريكيين الأصليين الذين كانوا مستعبدين عددٌ من حركات التمرّد والمؤامرات التي نظمها المستفيدون السابقون من نظام إنكوميندا، والتي أخمدها جميعًا النظام الملكي الإسباني. شملت القوانين الجديدة الأفراد الآسيويين في مستعمرة المكسيك وطُبّقت بحقّهم نفس الإجراءات المطبّقة على الأمريكيين الأصليين، إذ جرّم القانون استعبادهم.[1][2][3]
كان لدى إسبانيا مثالٌ سابقٌ لتطبيق العبودية كنظام اجتماعي، فقد وُجد في إسبانيا نفسها منذ حقبة الإمبراطورية الرومانية. كما وجدت العبودية بين شعوب وسط أمريكا وأمريكا الجنوبية. حاول التاج الإسباني تقليص إجراءات استرقاق السكان الأصليين، رافضاً العبودية بسبب العِرق. اعتبر المستعمرون الإسبانيون إجبار السكان الأصليين على أعمال السُخرة نوعًا من التقدير المُستحقّ والمكافأة لهم على المشاركة في الغزو. منح التاج الإسباني بعض المشتركين في عمليات الغزو ميّزات نظام إنكوميندا. بشكلٍ رسمي، لم يكن السكان الأصليون الخاضعون لنظام إنكوميندا عبيدًا، ولكن كانت أعمالهم قسرية ومفروضة. مع تناقص عدد السكان الأصليين في الكاريبي، حيث أسس الإسبانيون مستعمراتٍ دائمة منذ العام 1493، غزا الإسبانيون جزرًا أخرى بالإضافة إلى البرّ الرئيسي للقبض على سكان أصليين ونقلهم إلى جزيرة هيسبانيولا كعبيد.[4][5][6]
مع تزايد نسبة زراعة السكّر كمنتج للتصدير، لجأ الإسبانيون إلى استغلال خدمات الأفريقيين المُستعبدين للعمل في المزارع التجارية. لم تقتصر أشكال الاستعباد على عبودية المزارع في أمريكا المستعمرة إسبانياً، بل كانت إحدى مظاهرها التي امتدت لتشمل العبودية الحضريّة في المنازل، والمؤسسات الدينية، وورشات غزل النسيج، وغيرها من الأماكن الأخرى. اختلف الاستعباد الإسباني في الأمريكتين بشكل كبير عمّا كان عليه الحال في المستعمرات الأوروبية الأخرى، في كوّنه تميّز بموقفٍ مبكّر يميل لإلغاء العبودية بحقّ الأمريكيين الأصليين. رغم أن إسبانيا لم تشترك في تجارة العبيد الأفارقة عبر الأطلسي، فقد بِيع العبيد السود في جميع أرجاء الإمبراطورية الإسبانية، وخصوصًا في مناطق جزر الكاريبي. ساعدت عملية الاسترقاق وبيع العبيد هذه في نقل ثروات قارة أمريكا إلى أوروبا ورسّخت الطبقيّة العِرقية في كافة أنحاء الإمبراطورية. حاز المستعبِدون الإسبان على الثروة وميّزات موقعهم الاجتماعي الذي اكتسبوه من عمل المناجم على حساب العمال المعتقلين، والذين اعتبروهم كائنات أحطّ شأنًا ومحدودة القدرات، ولذلك تعاملوا معهم على أنهم ممتلكات شخصية وحجزوا حريّتهم في ظروفٍ قاسية. يُذكر أنه للاستعمار الإسباني سجلّ شنيعٌ في العبودية. كان الأسينتو عقدًا رسمياً للإتجار بالعبيد في أرجاء الإمبراطورية الإسبانية الشاسعة، وكان المحرك الأساسي لتجارة العبيد عبر الأطلسي. في البداية، عندما استعبدت إسبانيا الأمريكيين الأصليين في جزيرة هيسبانيولا، واستبدلتهم بعد ذلك بالعبيد الأفارقة، كانت قد رسخت مبادئ عمل السُخرة كأساس للإنتاج الشامل في الحقبة الاستعمارية. تبعًا لذلك، في أواسط القرن التاسع عشر وفي الوقت الذي حدّثت فيه معظم دول الأمريكتين قوانينها لإلغاء عبودية التملّك، حافظت كلّ من جزيرتي كوبا وبورتوريكو -وقد كانتا آخر مستعمرات إسبانيا المتبقية في أمريكا- على قوانين العبودية لفترة أطول.[7][8][9][10]
تحدت الشعوب المستعبدة حالة الاسترقاق بأساليبَ تراوحت من إدماج عناصر غير أوروبية في الديانة المسيحية (التوفيق الديني) إلى تأسيس مجتمعات بديلة خارج نظام المزارع (كشعب المارون). أشعل المستعبدون الأفارقة أول انتفاضة مفتوحة لهم في المزارع الإسبانية في العام 1521. كما أظهر بعض رجال الدين والقانون الإسبان المقاومة لفكرة استعباد السكان الأصليين. لم تكد تمضي 19 عامًا على التواصل الأولي بين الإسبان والسكان الأصليين، حتى أُلقي في جزيرة هيسبانيولا أول خطاب تاريخي في الأمريكتين بخصوص عالمية حقوق الإنسان ولمعارضة انتهاكات العبودية. نتج عن مقاومة استرقاق الأمريكيين الهنود في المستعمرات الإسبانية أول النقاشات المعاصرة بخصوص الأعراق وشرعية العبودية. وفي بداية الحقبة الاستعمارية طبّقت بشكلٍ فريد القوانين الجديدة للعام 1542 في مستعمرات إسبانيا في أمريكا لحماية السكان الأصليين من الاسترقاق.[11][12][13][14][15]
ولتعقيد الأمور أكثر فأكثر، فقد أدّى كلّ مِن سيطرة إسبانيا العشوائية على الأراضي الأمريكية واقتصادها المتقلّب دورًا مهماً في عرقلة الانتشار المنهجي والواسع للمزارع المشابهة لتلك الفرنسية في سان دومينغ أو البريطانية في جامايكا. إجمالاً، يمكن القول إن النضال ضد العبودية في المستعمرات الإسبانية بأمريكا قد ترك بصمةً واضحةً في حركة المعارضة التي هيّأت المشهد للنقاشات المعاصرة المتعلقة بحقوق الإنسان.[16]