أفضل الأسئلة
الجدول الزمني
الدردشة
السياق
سورة المسد
السورة الحادية عشرة بعد المائة (111) من القرآن الكريم، مكية وآياتها 5 من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
Remove ads
سُورَةُ المَسَدِ هي سورة مكية، من المفصّل، في الجزء الثلاثين، آياتها خمسٌ، وترتيبها في المصحف إحدى عشرة ومئة، بدأت بالدعاء على عبد العزى بن عبد المطلب المعروف بأبي لهب عمّ النبي محمد: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ١﴾ [المسد:1]، نزلت بعد سورة الفاتحة، وقبل سورة التكوير، وعُدَّتِ السادسة من السور نزولًا، وتُسمّى كذلك بـ «سورة أبي لهب»، أو «سورة تبّت».
نزلت في الوعيد لعمّ النبي أبي لهب وزوجته أم جميل، وأن مصيرهما النار في الآخرة لمعاداتهما النبي. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، واللفظ لمسلم، عن ابن عباس قال: «لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ ورَهْطَكَ منهمُ المُخْلَصِينَ، خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحاه! فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد. فاجتمعوا إليه. فقال: يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه. فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تَبًّا لكَ أما جَمَعْتَنا إلَّا لِهذا، ثم قام، فنزلت هذه السورة».
تعتبر السورة من دلائل النبوة إذ نزلت في حياة أبي لهب وامرأته، وأخبرت أنهما في النار، ومن مقتضيات ذلك ومن لوازمه: أن يموت أبو لهب على الكفر، فكان من الممكن أن يُسلم أبو لهب أو امرأته كما أسلم غيره من الكفار؛ ولكن مات أبو لهب على الكفر، فصدقت الآيات بعد موته على الكفر.
Remove ads
نص السورة
نص سورة المسد برواية حفص لقراءة عاصم:
﴿تَبَّتۡ يَدَاۤ أَبِی لَهَبࣲ وَتَبَّ ١ مَاۤ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ ٢ سَيَصۡلَىٰ نَارࣰا ذَاتَ لَهَبࣲ ٣ وَٱمۡرَأَتُهُۥ حَمَّالَةَ ٱلۡحَطَبِ ٤ فِی جِيدِهَا حَبۡلࣱ مِّن مَّسَدِۭ ٥﴾
أمَا عن اختلافات السورة في القراءات العشر:
- «أَبِی لَهَبࣲ»: أسكن الهاء ابن كثير المكي (لَهْبٍ)، وقرأها الباقون بفتح الهاء. ولا خلاف بين العشرة في فتح الهاء في «ذَاتَ لَهَبࣲ».[1]
- «حَمَّالَةَ»: قرأها عاصم بالنصب ورفعها الباقون «حَمَّالَةُ».[1]
تعدادها
عدد آيات سورة المسد خمس آيات، في جميع مدارس عدد الآيات ليس فيها اختلاف.[2] أما عدد كلماتها فثلاثة وعشرون مثل عدد كلمات سورتي الْفِيل والفلق. واختلفوا في عدد حروفها، فقال أبو عمرو الداني: «حروفها سَبْعَة وَسَبْعُونَ حرفا كحروف النَّصْر»، وكذلك ذكر الخطيب الشربيني،[3] وأبو إسحاق الثعلبي.[4] بينما ذكر نظام الدين النيسابوري أن حروفها أحد وثمانون حرفًا.[5]
Remove ads
التسمية
سميت السورة في أكثر المصاحف بـ«سورة تبت» وكذلك عنونها الترمذي في جامعه، وفي أكثر كتب التفسير، تسميةً لها بأول كلمة فيها. وسميت في بعض المصاحف وفي بعض التفاسير بـ«سورة المسد». واقتصر جلال الدين السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن على ذكر هذين الاسمين فقط.[6] بينما سماها جمع من المفسرين بـ«سورة أبي لهب»، وعنونها أبو حيان في تفسيره بـ«سورة اللهب»، ولم يُسمها غيره بهذا الاسم. وعنونها أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن «سورة ما كان من أبي لهب» وهو عنوان وليس باسم.[6]
Remove ads
زمن نزول السورة
اتفق العلماء والمُفسِّرون على أنها سورة مكية، وعُدت السادسة من السور نزولُا، ورُوي أن نزولها كان في السنة الرابعة من البعثة. نزلت بعد سورة الفاتحة وقبل سورة التكوير،[6] فعن جابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «أَوَّلُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ ثُمَّ: ﴿نْ وَالْقَلَمِ﴾ ثُمَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾ ثم: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ ثُمَّ: الْفَاتِحَةَ ثُمَّ: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ ثُمَّ: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾.».[7] وقال مجد الدين الفيروزآبادي: «اتَّفقوا على أَنَّ أَوّل السُّور المكِّية اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ، ثمَّ ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ، ثمَّ سورة المزمِّل، ثمَّ سورة المدَّثِّر، ثمَّ سورة تبَّت، ثم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، ثم سَبِّحِ اسْمِ رَبِّكَ الأَعْلَى، ثمَّ والليل إِذَا يغشى، ثم وَالفَجْرِ، ثم وَالضُّحَى، ثمَّ أَلَمْ نَشْرَح ... ولم نذكر الفاتحة لأَنَّه مختلَف فيها: قيل أُنزلت بمكة، وقيل بالمدينة؛ وقيل بكلٍّ مرة».[8]
سبب نزول السورة
الملخص
السياق


نزلت في الوعيد لعم النبي أبي لهب وزوجته أم جميل، وأن مصيرهما النار في الآخرة لمعاداتهما النبي. فروى البخاري ومسلم في صحيحيهما، واللفظ لمسلم، عن ابن عباس قال: «لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ ورَهْطَكَ منهمُ المُخْلَصِينَ، خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا، فهتف: يا صباحاه! فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد. فاجتمعوا إليه. فقال: يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه. فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تَبًّا لكَ أما جَمَعْتَنا إلَّا لِهذا، ثم قام، فنزلت هذه السورة: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
»، وزاد الحميدي وغيره: «فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن، أتت رسول الله ﷺ وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر
، وفي يدها فهر من حجارة، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله ﷺ، فلا ترى إلا أبا بكر. فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، والله إني لشاعرة: مُذَمَّمًا عَصَيْنَا وَأَمْرَهُ أَبَيْنَا وَدِينَهُ قَلَيْنَا. ثم انصرفت. فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ قال: ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني.».[9]
عقَّب على ذلك ابن عاشور قائلًا: «ومعلوم أن آية ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾ من سورة الشعراء وهي متأخرة النزول عن سورة تبت، وتأويل ذلك أن آية تشبه آية سورة الشعراء نزلت قبل سورة أبي لهب لما رواه أبو أسامة يبلغ ابن عباس لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ورَهْطَكَ منهمُ المُخْلَصِينَ، ولم يقل من سورة الشعراء، خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا. فتعين أن آية سورة الشعراء تشبه صدر الآية التي نزلت قبل نزول سورة أبي لهب.».[6]
وقد زاد فخر الدين الرازي في تفسيره سببين آخرين خلاف المشهور هما:
- أن النبي جمع أعمامه، وقدم إليهم طعامًا في صحفة فاستحقروه وقالوا: إن أحدنا يأكل كل الشاة، فقال: كلوا فأكلوا حتى شبعوا ولم ينقص من الطعام إلا اليسير، ثم قالوا: فما عندك؟ فدعاهم إلى الإسلام، فقال أبو لهب ما قال، وروي أنه قال أبو لهب: فما لي إن أسلمت؟ فقال: ما للمسلمين، فقال: أفلا أُفَضَّلُ عليهم؟ فقال النبي ﷺ: بماذا تُفَضَّلُ؟ فقال: تَبًّا لِهَذَا الدِّينِ يَسْتَوِي فِيهِ أَنَا وَغَيْرِي.[10]
- كان إذا وفد على النبي وفد سألوا عمه عنه وقالوا: أنت أعلم به، فيقول لهم: إنه ساحر فيرجعون عنه ولا يلقونه، فأتاه وفد فقال لهم مثل ذلك فقالوا: لا ننصرف حتى نراه، فقال: إنا لم نزل نعالجه من الجنون، فتبًا له وتعسًا، فأخبر النبي ﷺ بذلك فحزن، ونزلت السورة.[11]
Remove ads
تفسير السورة
الملخص
السياق
الآية الأولى

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
: التب هو الخُسران، قال قتادة: «خسرت يدا أبي لهب وخسر».[12] وقال ابن عباس: خَابَتْ، وقال عطاء: ضَلَّتْ. وقال ابْنُ جُبَيْرٍ: هَلَكَتْ. وَقَالَ يمان بن رئاب: صَفِرَتْ مِنْ كُلِّ خَبَرٍ. قال شمس الدين القرطبي: «وَخَصَّ الْيَدَيْنِ بِالتَّبَابِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ بِهِمَا؛ أَيْ خَسِرَتَا وَخَسِرَ هُوَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْيَدَيْنِ نَفْسُهُ. وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنِ النَّفْسِ بِالْيَدِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾. أَيْ نَفْسُكُ. وَهَذَا مَهْيَعُ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ تُعَبِّرُ بِبَعْضِ الشَّيْءِ عَنْ كُلِّهِ؛ تَقُولُ: أَصَابَتْهُ يَدُ الدَّهْرِ، وَيَدُ الرَّزَايَا وَالْمَنَايَا؛ أَيْ أَصَابَهُ كُلُّ ذَلِكَ.».[13]
كان أبو لهب عم النبي واسمه عبد العزى بن عبد المطلب، لكن الله لم يذكره باسمه بل بكنيته، وكان يكنى بذلك في الجاهلية لحسنه وإشراق وجهه، فسماه القرآن بكنيته دون اسمه؛ لأن في اسمه عبادة العزى، وذلك لا يقره القرآن، أو لأنه كان بكنيته أشهر منه باسمه العلم، أو لأن في كنيته ما يتأتى به التوجيه بكونه صائرًا إلى النار، وذلك كناية عن كونه جهنميا؛ لأن اللهب ألسنة النار إذا اشتعلت وزال عنها الدخان.[14]
﴿وَتَبَّ﴾: التب الأول دعاء والثاني خبر؛ كما يقال: أهلكه الله وقد هلك.[15]
الآية الثانية
مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ
: أي ما دفع عنه عذاب الله ما جمع من المال، ولا ما كسب من جاه. قال مجاهد: «من الولد»؛ وولد الرجل من كسبه.[16] فعن ابن عباس أنه رأى يوما ولد أبي لهب يقتتلون، فجعل يحجز بينهم ويقول: هؤلاء مما كسب.[17]
﴿مَا﴾ يجوز أن تكون نفيًا، ويجوز أن تكون استفهامًا. وما الثانية: يجوز أن تكون بمعنى الذي، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدرًا؛ أي ما أغنى عنه ماله وكسبه.[16]
الآية الثالثة
سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ
بَيَانٌ لِجُمْلَةِ: مَا أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ: أي لا يغني عنه شيء من عذاب جهنم. ونزل هذا القرآن في حياة أبي لهب، وقد مات بعد ذلك كافرًا، فكانت هذه الآية إعلاما بأنه لا يسلم، وكانت من دلائل النبوة.[18] رُوي عن ابن عباس: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الْقَلَمَ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ، وَكَانَ فِيمَا كَتَبَ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ.» وَقَالَ مَنْصُورٌ: «سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ. هَلْ كَانَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ؟ وَهَلْ كَانَ أَبُو لَهَبٍ يَسْتَطِيعُ أَلَّا يَصْلَى النَّارَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَسْتَطِيعُ أَلَّا يَصْلَاهَا، وَإِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَقَ أَبُو لَهَبٍ وَأَبَوَاهُ».[19]
﴿سَيَصْلَى﴾ أي سيشوى بها ويحس بإحراقها. وأصل الفعل: صلاه بالنار أي شواه، ثُمَّ جَاءَ مِنْهُ صَلِيَ كَأَفْعَالِ الْإِحْسَاسِ مِثْلَ فَرِحَ وَمَرِضَ، ووصفت النار بـ ﴿ذَاتَ لَهَبٍ﴾ لزيادة تقرير المناسبة بين اسمه وبين كفره، إذ هو أبو لهب والنار ذات لهب.[20]
الآية الرابعة
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ
: امرأته أم جميل، واسمها أروى بنت حرب بن أمية وهي أخت أبي سفيان بن حرب، ووصفتها الآية بأنها حمالة الحطب، فيحتمل أنها صفتها في جهنم أي أنها ستظل تحمل الحطب في النار، ويحتمل أنها صفتها التي كانت تعمل في الدنيا بجلب حطب العضاه لتضعه في طريق النبي. قال قتادة وغيره: «كانت تعير رسول الله ﷺ بالفقر. ثم كانت مع كثرة مالها تحمل الحطب على ظهرها؛ لشدة بخلها، فعيرت بالبخل». وقال ابن زيد والضحاك: «كانت تحمل العضاه والشوك، فتطرحه بالليل على طريق النبي ﷺ وأصحابه»؛ قال الربيع: «فكان النبي ﷺ يطؤه كما يطأ الحرير». وقال سعيد بن جبير: «حمالة الخطايا والذنوب».[21] وقال آخرون: «قيل لها ذلك، لأنها كانت تحطب الكلام، وتمشي بالنميمة، وتعير رسول الله ﷺ بالفقر»؛[22] فكانت العرب تقول: فُلَانٌ يَحْطِبُ عَلَى فُلَانٍ: أي يمشي بالنميمة عليه.[23] وقال سيد قطب في تفسيره: «وكان بيت أبي لهب قريبا من بيت رسول الله ﷺ فكان الأذى أشد. وقد روي أن أم جميل كانت تحمل الشوك، فتضعه في طريق النبي؛ وقيل: إن حمل الحطب كناية عن سعيها بالأذى والفتنة والوقيعة.».[24]
الآية الخامسة

فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
: حال ثانية لامرأة أبي لهب في الدار الآخرة، والجيد هو العنق، وغلب في الاستعمال على عنق المرأة، وعلى محل القلادة منه، فقلَّ أن يذكر العنق في وصف النساء في الشعر العربي، ومعنى الآية أن الله يجعل لها حبلًا في عنقها تحمل فيه الحطب في جهنم لإسعار النار على زوجها جزاء مماثلًا لعملها في الدنيا الذي أغضب الله تعالى عليها. قال أبو القاسم السهيلي في الروض الأنف: «والمعروف أن يذكر العنق إذا ذكر الحلي أو الحسن، فإنما حسن هنا ذكر الجيد في حكم البلاغة؛ لأنها امرأة والنساء تحلي أجيادهن، وأم جميل لا حلي لها في الآخرة إلا الحبل المجعول في عنقها، فلما أقيم لها ذلك مقام الحلي ذكر الجيد معه».[25]
واختلف أهل التأويل في معنى المَسَدٍ، فقيل: ليف من ليف اليمن شديد، والحبال التي تفتل منه تكون قوية وصلبة. وقيل: هي حبال تكون بمكة. وقيل: حبل من شجر، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به. وقيل: الحديدُ الذي يكونُ في البَكْرةِ. وقال مجاهد: من حديد، وقال سفيان: حبل في عنقها في النار مثل طوق طوله سبعون ذراعًا. وعن عروة بن الزبير:[26] «سلسلةٌ ذَرْعُها سبعون ذراعًا تدخل من فيها، وتخرج من أسفلها، ويلوى سائرها على عنقها». وعن سعيد بن المسيب: «كَانَتْ لَهَا قِلَادَةٌ فَاخِرَةٌ مِنْ جَوْهَرٍ، فقالت: واللات والعزى لأنفقنها فِي عَدَاوَةِ مُحَمَّدٍ. وَيَكُونُ ذَلِكَ عَذَابًا فِي جِيدِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.». وقيل: إن ذلك إشارة إلى الخذلان، يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء، كالمربوط في جيده بحبل من مسد.[27]
تعتبر السورة من دلائل النبوة حيث نزلت في حياة أبي لهب وامرأته، وأخبرت أنهما في النار، ومن مقتضيات ذلك ومن لوازمه: أن يموت أبو لهب على الكفر، فكان من الممكن أن يُسلم أبو لهب أو امرأته كما أسلم غيره من الكفار؛ ولكن مات أبو لهب على الكفر، فصدقت الآيات بعد موته على الكفر. قال ابن كثير في تفسيره: «قال العلماء وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة، فإنه منذ نزل قوله تعالى "سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد"، فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان لم يقيض لهما أن يؤمنا ولا واحد منهما لا باطنًا ولا ظاهرًا لا مُسرًا ولا مٌعلنًا، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة الباطنة على النبوة الظاهرة.».[28]
Remove ads
مناسبة السورة لما قبلها
مناسبتها لما قبلها، أنه ذكر في السورة السابقة سورة النصر أن ثواب المطيع حصول النصر والاستعلاء في الدنيا، والثواب الجزيل في العقبى. وهنا ذكر أن عاقبة العاصي الخسار في الدنيا والعقاب في الآخرة. يقول فخر الدين الرازي:[10]
Remove ads
إعراب السورة
Remove ads
كتب عنها
أسرار البلاغة القرآنية في سورة ﴿تَبَّتۡ يَدَاۤ أَبِی لَهَبࣲ﴾، تأليف محمود توفيق سعد، مكتبة وهبة بالقاهرة، 1438هـ/ 2017م.
انظر أيضًا
المراجع
وصلات خارجية
Wikiwand - on
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Remove ads