Loading AI tools
مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة أثناء الحرب الإسرائيلية الفلسطينية من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
مجزرة مستشفى المعمداني وتُعرف كذلك باسمِ مجزرة المستشفى الأهلي العربي، هي مجزرةٌ ارتكبها سلاح الجوّ الإسرائيلي حينما أغارَ على المستشفى الأهلي العربي «المعمداني» في حي الزيتون جنوب مدينة غزة في ساعات الليل الأولى من يوم السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.[6] أصابت الغارةُ الجوية الإسرائيلية العنيفة ساحة المستشفى التي كان فيها العشرات من الجرحى فضلًا عن مئات النازحين المدنيين وأغلبهم من النساء والأطفال. سبَّبَت المجزرةُ الإسرائيلية كارثةً حقيقية؛ إذ مزَّقت أجسادَ الضحايا وجعلتهم أشلاء متفرِّقة ومحترقة، فيما تحوَّل المستشفى إلى بِركة من الدماء. يُعَدُّ المستشفى الأهلي العربي المعمداني أحدَ أقدم مستشفيات قطاع غزَّة، ويتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس.[7][8]
مجزرة المستشفى الأهلي العربي - المعمداني | |
---|---|
جزء من عملية طوفان الأقصى | الهجمات على المرافق الصحية خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية 2023، والإبادة الجماعية في قطاع غزة، والحرب الفلسطينية الإسرائيلية (2023 – الآن) |
المعلومات | |
البلد | فلسطين |
الموقع | حي الزيتون، مدينة غـزة |
الإحداثيات | 31°30′19″N 34°27′41″E |
التاريخ | 17 تشرين الأول/أكتوبر 2023 07:00 مساءً[1] (توقيت فلسطين) |
الهدف | المستشفى الأهلي العربي «المعمداني» |
نوع الهجوم | ضربة جوية |
الأسلحة | طائرة حربية |
الخسائر | |
تسبب في | ردود الفعل الدولية على مجزرة مستشفى المعمداني |
الوفيات | +500 (بيان وزارة الصحة بغزّة) 471 (بيان وزارة الصحة في الضفة الغربية)[2] |
الإصابات | +600 |
المنفذون | قوات الاحتلال الإسرائيلي.[3][4][5] |
تعديل مصدري - تعديل |
كانت قوَّات الاحتلال قد وجهت إنذارًا للمستشفى وغيرها من المستشفيات تطلب فيه إخلاءَ تلك المستشفيات، إلا أنه تعذَّر الإخلاء كاملا.[9] نفت إسرائيل استهدافَ المستشفى، زاعمةً أن الانفجار كان بسبب صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي.[10] وأصدرت الحركةُ بيانًا نفَت فيه الاتهامَ الإسرائيلي.[11]
يعمل المستشفى مُنذ عام 1882، وقد أسسته جمعية الكنيسة الإرسالية التابعة لكنيسة إنجلترا، وأداره لاحقًا المذهب المعمداني الجنوبي كبعثة طبية بين عامي 1954 و1982. عادَ المستشفى تحتَ إدارة الكنيسة الأنجليكانية في الثمانينيات.[12]
حاولت إسرائيل طرد الفلسطينيين في شمال القطاع من منازلهم، فكثفت قصفها طوال أيام على مُدن الشمال والوسط لإجبار السكان على النزوح نحو مناطق الجنوب. استقبلَ مستشفى المعمداني المئات من النازحين الذين فرّوا من منازلهم بسببِ السياسات الإسرائيلية في تهجيرهم عمدًا، ورغم كونه مشفى ومعروفةٌ إحداثياته فقد تعرّض لقصفٍ إسرائيلي جانبي في وقت متأخر من يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول ما أدى إلى إصابة 4 من موظفي الفناء.[13]
استمرَّت الغارات الإسرائيلية على مناطق قريبة جدًا من المستشفى، ما دفعَ آلاف النازحين للفرار منه هو الآخر، فالمشفى كان يؤوي حوالي 6,000 نازح ثم بعد وصول الضربات الإسرائيلية للمناطق القريبة منه فرَّ الكثير وظلَّ حوالي 1000 من النازحين يحتمون في الفناء.[13]
أمرت إسرائيل قبل ساعات قليلة من المجزرة بإخلاء 21 مستشفى في غزة، بما في ذلك المستشفى المعمداني، لكن موظفي المشفى وسكان المنطقة رفضوا الاستجابة إلى الدعوى الإسرائيلية التي تهدف لتهجيرهم من مدنهم قسرًا.[9]
أقدمت طائرات المحتَل الإسرائيلي بعد السابعة مساءً بالتوقيت المحلّي (جرينتش +03) على الإغارة وبشكل عنيف جدًا على حي الزيتون والشجاعية، ثم عاودت الطائرات الحربية غارة قوية جدًا لكنها استهدفت هذه المرة ساحة مستشفى المعمداني الأهلي، والذي كان قد استقبلَ طوال الأيام الماضيّة مئات النازحين المدنيين عدى عن مئات آخرين من المرضى والجرحى وغيرهم.[14] كانت الضربة الجوية الإسرائيليّة قوية جدًا وأظهر مقطع فيديو انتشرَ على وسائل التواصل الاجتماعي وبثته قنوات عربية ودوليّة حجم الغارة التي طالت المشفى وما أعقبها من انفجار ضخم هزّ كامل المناطق المحيطة بموقع الضربة فضلًا عن ألسنة اللهب التي لم تهدأ.[15] كان من الواضح أنّ الضربة قوية جدًا وأنها استهدفت وبشكل متعمّد مستشفى المعمداني وسط مدينة غزة المعروفة إحداثياته أساسًا لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي.[15]
سارعت سيارات الإسعاف لموقع المذبحة التي ارتكبتها إسرائيل وحاولت التعامل مع الضحايا على قيدِ الحياة تاركةً الجثث ملقاة في جميعِ الأماكن لعدم قدرة الإسعاف الفلسطيني على التعامل مع كلّ هذا العدد من ضحايا الإرهاب الصهيوني. أشارت التقديرات الأولية إلى مقتل ما بين 200 إلى 300 مدنيٍّ فلسطيني في القصف الإسرائيلي الذي تعمَّد استهداف مستشفى المعمداني الممتلئ عن آخره بالمدنيين النازحين وبضحايا الغارات الإسرائيليّة.[16] تصاعدَ عدد الضحايا بشكل كبير بسبب الموقع المستهدَف وعدد المدنيين ممن كانوا داخله، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة في مؤتمر صحفي في المستشفى من بين جثامين الشهداء عن «استشهاد أكثر من 500 فلسطيني في قصفِ الاحتلال لمستشفى الأهلي المعمداني»،[17] وما عقّد الأمور أكثر هو انقطاع الكهرباء بشكل كامل عن مستشفى الشفاء بسببِ الحصار الإسرائيلي وهو المشفى الذي وصل له العشرات من ضحايا المجزرة الإسرائيليّة.[18]
آثار المجزرة فوق الوصف، الاحتلال كسر كل الأعراف والمواثيق والقوانين الإنسانية، وقتلوا المرضى والمواطنين المستأمنين من قصفه في كل مكان بقطاع غزة. |
—وزيرة الصحّة مي الكيلة ردًا على المجزرة الإسرائيليّة.[19] |
خرجَ المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة في تصريحاتٍ صحفيّة شرحَ فيها بعضًا من تفاصيل هذه المجزرة الإسرائيليّة، حيث أكّد بدايةً أنّ المستشفى المعمداني لم يُستهدف مطلقًا وبشكل مباشر في الحروب السابقة مضيفًا أنّ هذا المشفى كان يُعتبر ملاذًا آمنًا لسكان القطاع. شرحَ المدير العام كيف أنّ فرق الإنقاذ وجدت صعوبة في التعرف على جثث الضحايا مؤكّدًا أن كل الضحايا حرفيًا من المدنيين، لافتًا إلى أن إحداثيات المستشفيات تُسلم للجنة الدولية للصليب الأحمر التي تُسلّمها بدورها للاحتلال الإسرائيلي تفاديًا لارتكابِ مجازر في حقّ المستشفيات ومن فيها.[20] أقامَ وكيل وزارة الصحة في غزة مؤتمرًا صحافيًا هو الآخر وفيه أعلن وبصريح العبارة أنّ الاحتلال كان قد هدَّد إدارة مستشفى المعمداني لإخلائه قبل المجزرة الوحشيّة.[21]
سدّدت سرايا القُدس الذراعُ العسكري لحركة الجهاد في تمام التاسعة مساءً، التي تُعرف باسمِ تاسعة البهاء، ضربةً صاروخية نحو مستوطنتي أسدود وعسقلان ردًا على مجازر الاحتلال بحقّ المدنيين.[22] ردّت كتائب الشهيد عز الدين القسام هي الأخرى بتوجيه رشقة صاروخيّة نحو قاعدة رامون الجوية ردًا على المجزرة الإسرائيلية، كما أطلقت صواريخ أخرى صوبَ مدينة تل أبيب التي سُمعت أصوات انفجارات ضخمة في سمائها ناجمة عن محاولات القبة الحديدية اعتراض صواريخ المقاومة.[23]
مباشرة بعد المجزرة الإسرائيلية في حقِّ المدنيين الفلسطينيين في مستشفى المعمداني، أعلنت مساجد مدينة جنين في الضفة الغربية النفير داعيةً شباب وأهالي المدينة لنصرة غزة، وما هي إلّا دقائق حتى تجمّع عشرات الشباب الفلسطيني تلبيةً للنداءات،[24] لكنّ أجهزة السلطة الأمنية والتي لها تاريخٌ طويلٌ في العمالة مع إسرائيل كما ترى فصائل فلسطينية أخرى قمعت المسيرة التي خرجت أساسًا للتنديد بقصفِ الاحتلال للمستشفى.[25] لم تكتفِ أجهزة الأمن الفلسطينية بقمعِ المسيرة فحسب، بل استعملت الرصاص الحيّ لمنع زحف الشباب نحو نقاط حسّاسة، وأظهرت مقاطع فيديو صوّرها نشطاء في عينِ المكان استعمال أفراد هذه الأجهزة المسلّحين بالمسدسات والسلاح المتوسّط، حيث سُمعت أصوات إطلاق نار بشكل عشوائي قبل أن تُصيب رصاصة أحدهم متظاهرًا فلسطينيًا حمله شباب آخرين في المسيرة للمشفى، ثم أُصيبت طفلة برصاص السلطة الفلسطينية.[26]
استمرّت الدعوات للإضراب الشامل في كل مدن الضفة الغربية وشلّ كافة مناحي الحياة والتوجه نحو مناطق التماس والاشتباك مع الاحتلال، كما ارتفعت دعواتٌ للإضراب الشامل والكلّي والنفير العام في مدينة القدس المحتلّة، رفضاً لجرائم الاحتلال في غزة وتنديدًا بالمجزرة التي طالت المدنيين العُزّل في مستشفى المعمداني.[27] سُرعان ما تُرجمت كل هذه الدعوات وفي غضون دقائق قليلة لتحركات على الأرض وخاصة في كل من جنين والقُدس المحتلّة ثم مدينة الخليل التي شهدت اشتباكًا مسلحًا مع الجنود المحتلّين عند مدخل بيت أمر. تواصلت الدعوات للنفير حينما دعت القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية إلى النفير والاشتباك مع الاحتلال معلنةً أنّ يوم الأربعاء الموافق 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 يوم إضراب شامل تُعطّل فيه كل مناحي الحياة.[28]
عمت مظاهرات الغضب والتنديد بالمجزرة عديد الميادين والساحات العربية والعالمية طوال السويعات التي تلت المجزرة، وشهدت المخيّمات الفلسطينية في لبنان مسيرات غاضبة راجلة جابت شوارع مخيمات عين الحلوة بصيدا والمية مية وبرج البراجنة ببيروت ونهر البارد بطرابلس اللبنانية شارك فيها اللبنانيون والفلسطينيون على حد سواء، وتجمَّعت الحشود الغاضبة عند حي الطريق الجديدة الملاصق لمخيمي صبرا وشاتيلا اعتراضًا على المجزرة في دلالةٍ على استمرار الاحتلال في مجازره.[29] خرجت الجماهير التونسية هي الأخرى شكل عفوى إلى ميادين صفاقس المنستير والقيروان تنديدًا بـ «الإبادة» فيما احتشد مئات التونسيون أمام منزل السفير الفرنسى في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية مطالبين بوقف المجازر الإسرائيلية وطرد السفير الفرنسي الداعم لإسرائيل.[30][31] تجمع مئات الليبيون أيضًا وسط العاصمة طرابلس في مظاهرة غضب ومنها اتجهوا صوب السفارة الإيطالية منتقدين التواطؤ العربي، أما غربًا في مصراتة فقد تجمهر المئات بالقربِ من قاعدة الكلية الجوية حيث تتواجد القوات الإيطالية مطالبين بطردها من البلاد خاصّة وأنّ إيطاليا ومعها أغلبُ الدول الأوروبيّة في صفِّ الاحتلال.[32] رفعت الولايات المتحدة مستوى التحذير من السفر إلى لبنان إلى اعلى درجة وسمحت بمغادرة عائلات ديبلوماسييها وبعض الموظفين غير العاملين في حالات الطوارئ،[33] فيما طلبت إسرائيل من رعاياها مغادرة تركيا على الفور بعد الاحتجاجات الكبيرة التي اندلعت في محيطِ السفارة الإسرائيليّة.[34] المشاهِد الأبرز كانت من الأردن التي تجمعها حدودٌ مع الضفة الغربية ومعَ فلسطين المحتلّة (إسرائيل)، والتي حاولَ فيها متظاهرون غاضبون اقتحام سفارة الاحتلال في العاصمة عمان، لكنّ الشرطة الأردنية منعتهم من ذلك عبر استعمالِ القنابل المسيلة للدموع ثمّ طردتهم من محيط السفارة.[35][36]
كان من المزمع عقدُ قمّة رباعية في العاصمة الأردنية عمان في اليوم الموالي للمجزرة (18 أكتوبر 2023) تجمعُ بين العاهل عبد الله بن الحسين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إضافةً للرئيس الأمريكي جو بايدن لـ «بحث تطورات الحاصلة في قطاع غزة»، لكنّ قرر الأردن إلغائها.[37][38] شرحَ وزير الخارجية الأردني في وقتٍ لاحقٍ موقف دولته بالقولِ إنّ «القمة ستُعقد حين يكون قرارها وقف الحرب ووقف هذه المجازر».[39]
لدى إسرائيل باعٌ طويلٌ في الدعاية وفي التلفيق ومحاولات التملّص وليس آخرها مجزرة جباليا في 6 آب/أغسطس 2022 حينما قتلت 5 أطفال في غارة جويّة ثم حمّلت حركة الجهاد المسؤولية ونشرت مقطع فيديو زعمت أنه يُؤكّد ذلك، لكن تحقيقًا معمّقًا من قناة الجزيرة كشف العكس ومثله تحقيقٌ آخر عبري بل إنّ صحيفة هآرتس الإسرائيلية سرَّبت نتائج التحقيق الداخلي الذي قام به الجيش والذي خلص إلى أنّ المسؤول عن المجزرة هي إسرائيل نفسها.[40] وبالمثل فلم تمرّ سويعات قليلة بُعيد هذه المجزرة حتى اتهمَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الفصائل الفلسطينية في غزة بقصفِ المستشفى المعمداني، وبعد تضاربٍ في التصريحات بين أذرع إسرائيل الإعلامية الرسمية خرجَ جيش الاحتلال ليقول أن «تحليلاته تُشير إلى أن تنظيم الجهاد مسؤولٌ عن عملية إطلاق فاشلة للصواريخ أصابت المستشفى».[41] نفت حركة الجهاد الإسلامي كل الاتهامات الإسرائيلية ومحاولات التملّص، مؤّكدة على «أنها ولا باقي فصائل المقاومة تستخدمُ دور العبادة أو المنشآت العامة ولا سيما المستشفيات كمراكز عسكرية أو مراكز لتخزين الأسلحة أو لإطلاق الصواريخ»، وختمت بيانها الذي جاء على لسان الناطق باسمِ الحركة بالقولِ إنّ «العدو يردد هذه الأكاذيب لتبرير استهدافه لهذه المراكز وعلى رأسها المستشفيات».[42]
اعترفَ المتحدث باسم جيش الاحتلال بقصف مرآب مستشفى المعمداني في تضاربٍ جديدٍ للرواية الإسرائيليّة التي نفت استهداف المشفى أو جوانبه بالمطلق، لكنه زعمَ أنّ الاستهداف لم يتسبب بإصابات مباشرة للمستشفى.[43] نشر المتحدث ما قال إنها مكالمة صوتيّة جرى اعتراضها بين عضوين في حماس يتحدثان حول موضوع المجزرة، وفي التسجيل الصوتي الذي روَّجت له إسرائيل يقول الأول للثاني إن الصاروخ ربما من صنعِ حركة الجهاد وسقطَ عن طريق الخطأ من طرفها، ومع ذلك فقد تعرّض هذا التسجيل للكثير من الانتقادات خاصة طريقة الحديث المرتبة والمنظمة، حيث ينتظر المتصل الأول نظيره الثاني حتى ينتهي من جملته بالكامل ليبدأ هو ثم ينتظر الطرف الآخر بنفس الطريقة وهكذا، فضلًا عن الهدوء الذي وُصف بالغريب في المكالمة رغم أنّ حصول مجزرة بهذا الحجم هو موضوعٌ جلل.[44]
استغلّت إسرائيل مقطع فيديو صُوّر قُبيل لحظات من المجزرة يُظهر صواريخ الفصائل الفلسطينية وهي تنطلق من القطاع ثم وصلت الغلاف الذي تُسيطر عليه إسرائيل قبل أن يُسقطها أحد صواريخ القبة الحديدية وحاولَت وسائل إعلام تتبعُ لإسرائيل بشكل مباشر أو داعمة لها بشكل كلّي القول إنّ هذا المقطع دليلٌ على فشل الصاروخ في الخروج من غزة وسقوطه على المشفى.[45] تعرّضت هذه الرواية هي الأخرى للدحض خاصة بعدما انتشر مقطع فيديو من كاميرا مراقبة في مستوطنة نتيف هعسراه يُظهر كيف مرّت الرشقة الصاروخية الفلسطينية بنجاح أما الانفجار الذي تلاها فقد كان ناجمًا عن اعتراضِ القبّة الحديدية لتلك الرشقة.[46]
لم تعتمد الدعاية الإسرائيليّة على الصحافة الصفراء فحسب أو على حسابات غير رسميّة تحظى بعددٍ كبيرٍ من المتابعين، بل وصلَ الأمر إلى الحسابات الرسمية من خلال نشر معلومات مضللة وزائفة ثمّ التراجعِ عنها بعد كشفها، فعقبَ المجزرة مباشَرة نشر حساب الدولة الإسرائيلية الرسمي تغريدة على موقع تويتر على شكل بيانٍ مرفقٍ بمقطع فيديو زعمَ فيه أنّ المجزرة ناجمة عن صاروخٍ فلسطيني انطلقَ من القطاع.[47] حقَّقَت عددٌ من المنصات في مقطع الفيديو الذي نشره الحساب الإسرائيلي الرسمي بما في ذلك فريق التحقيقات المرئية في صحيفة نيويورك تايمز والذي اكتشفَ أن تاريخ تصوير المقطع الذي نشره الحساب الإسرائيلي سبقَ وقوع المجزرة بنحو 40 دقيقة على الأقل.[48] سُرعان ما انقلبت هذه الدعاية الإسرائيليّة الكاذبة على مروّجها فبدأت الصحف في تداولها وتداول التضليل الذي رافقها قبل أن يُعَدِّلَ الحساب الرسمي التغريدة حيث حذف مقطع الفيديو مكتفيًا بالبيان الكتابي، وبرّر الحساب هذا التضليل بالقول إنّ المقطع يخصُّ وزارة الخارجية الإسرائيلية ونُشر مع البيان عن طريق الخطأ.[49] جديرٌ بالذكرِ هنا أنه ومباشرة بعد المجزرة، حذف مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تغريدة على منصة إكس على شكل اقتباسٍ من خطاب نتنياهو أمام الكنيست الإسرائيلي يوم 16 أكتوبر وفيها وصفَ صراع إسرائيل مع حماس على أنه «صراعٌ بين أطفال النور وأطفال الظلام، بين الإنسانية وشريعة الغاب».[50]
فيما شككت صحيفة نيويورك تايمز في الرواية الإسرائيلية مؤكدة أن النظرة الفاحصة لمقطع الفيديو الصاروخي الذي استشهدت به إسرائيل لا يثبت روايتهم.[51] وبناءً على ما جاء في موقع DW (إذاعة صوت ألمانيا) بتاريخ 31 أكتوبر 2023 «أن الصاروخ الذي أصاب المستشفى لم يأت من داخل جنوب غرب غزة كما يدعي الجانب الإسرائيلي».[52]
وصل الرئيس الأمريكي جو بايدن مدينة تل أبيب في صبيحة يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وذلك بعد ساعات قليلة من مجزرة المعمداني في زيارة مرتبة منذ عدّة أيام لتقديم ما سمَّاها «المساعدة والدعم للشعب الإسرائيلي».[53] عقدَ الرئيس الأمريكي جلسة صحفيّة مع نتنياهو وفيها قالَ إنّ حماس ارتكبت ما سمَّاها «فظائع» في إسرائيل، ثم أيَّد وبشكل صريح الرواية الإسرائيلية بخصوص مجزرة مستشفى المعمداني رغم صدور تقارير عربيّة وفلسطينيّة من موقع الحدث تؤكّد وقوفِ إسرائيل خلف المذبحة مقابل تقارير غربيّة تنفي الفلسطينية.[54] عبَّر بايدن عن حزنه وغضبه بشأن ما سمَّاه «الانفجار» في المستشفى، وأضاف: «يبدو أن الجانب الآخر وراء ذلك وليس أنتم».[55] أشارَ بايدن إلى ما أسماها من جديدٍ مصادر استخباراتية في البنتاغون والتي زعمت أن الانفجار نجم عن خطأ في إطلاق صاروخ من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.[54] لقد استمرَّت أمريكا الحليف الأول لإسرائيل وداعمتها الأكبر في تبنّي الرواية الإسرائيلية وفي دحض وتجاهل السردية الفلسطينية بالمطلق، حيثُ صرحت أدريان واتسون المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أنه «بينما نواصل جمع المعلومات، فإن تقييمنا الحالي بناءً على تحليل الصور الجوية والاعتراضات والمعلومات مفتوحة المصدر، هو أن إسرائيل ليست مسؤولة عن الانفجار»، واتفق معها مسؤولون آخرون في المخابرات الأمريكية، رغم اعترافهم بأنّ التحليل ما زال أوليًا وأن التحقيقات مستمرّة.[56]
ذكر رئيس الوزراء ريشي سوناك، في 23 أكتوبر، أمام البرلمان إن «الحكومة البريطانية ترى أن الانفجار ناجم على الأرجح عن صاروخ أو جزء منه أطلق من داخل غزة باتجاه إسرائيل».[57]
صرحت مديرية المخابرات العسكرية الفرنسية في 20 أكتوبر 2023 «لا يوجد ما يسمح لنا بالقول إنها ضربة إسرائيلية، لكن (السيناريو) الأرجح هو أنه صاروخ فلسطيني تعرض لأمر ما عند إطلاقه».[58]
فيما أعلنت يوم الخميس الموافق 26 أكتوبر 2023 صحيفة لوموند الفرنسية التشكيك في الرواية الإسرائيلية بشأن القصف الذي استهدف المستشفى الأهلي "المعمداني" في غزة. حيث تمكن فريق التحقيق التابع للصحيفة الفرنسية من تأكيد أن المقذوف الذي ظهر في بث قناة الجزيرة في الواقع أُطْلِقَ من إسرائيل وليس صاروخًا فلسطينيًا. كما أن هذا المقذوف أطلق من منطقة توجد فيها بطارية القبة الحديدية للاحتلال الإسرائيلي على بعد أقل من كيلومترين شرق مستوطنة ناحل عوز.[59]
ذكر وزير الخارجية أنطونيو تاياني في 24 أكتوبر 2023: «يتعين علينا تجنب التأثير السلبي للحملات الدعائية لأن هذا الصاروخ الذي قيل إنه تسبب في مقتل 500 شخص لم يخلف سوى 50 (قتيلًا) في الواقع... ولم تكن إسرائيل هي من أطلقته».[60]
أعلنت الحكومة اللبنانية حدادًا وطنيًا في اليوم الموالي للمجزرة حزنًا على «الشهداء والضحايا الذين يسقطون جراء المجازر والاعتداءات التي ترتكبها إسرائيل»،[61] كما أعلن العراق بدوره «حدادًا على شهداء مجزرة مستشفى المعمداني».[62] أعلن الرئيس إبراهيم رئيسي هو الآخر يوم حدادٍ عامٍ في كامل إيران.[63] انضمَّت الأردن لقائمة الدول التي أعلنت الحداد فأعلنت بدورها الحداد 3 أيام على ضحايا المجزرة الإسرائيلية في مستشفى المعمداني بمدينة غزة، ومثلها فعلت مصر حيث أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة الحداد العام في جميع أنحاء الجمهورية لمدة ثلاثة أيام «حدادًا على أرواح الضحايا الأبرياء في غزة»، فسوريا التي أعلنت هي الأخرى حدادًا وطنيًا لمدة 3 أيام.[63]
Seamless Wikipedia browsing. On steroids.
Every time you click a link to Wikipedia, Wiktionary or Wikiquote in your browser's search results, it will show the modern Wikiwand interface.
Wikiwand extension is a five stars, simple, with minimum permission required to keep your browsing private, safe and transparent.