إقطاع
من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
الإقطاعية في اللغة العربية مصدر صناعي من مزيد الفعل الثلاثي: قَطَعَ.[1][2] وأقطعه قطيعة، أي طائفة من أرض الخراج أو نهراً، أباحه له، والإقطاع يكون تمليكاً وغير تمليك. والقطائع إنما تجوز في أرض لا ملك لأحد عليها ولا عمارة فيها لأحد، فيقطع الإمام المستقطع منها قدر ما يتهيأ له عمارته بإجراء الماء إليه أو باستخراج عين منه أو يتحجر للبناء فيه.
هذه المقالة بحاجة لمراجعة خبير مختص في مجالها. (سبتمبر 2019) |
هذه المقالة لا تحتوي إلّا على استشهادات عامة فقط. (نوفمبر 2015) |
والمعنى نفسه في الفرنسية (féodalité) والإنجليزية (feudalism)، والكلمتان من أصل لاتيني (feudalis) يدل على إقطاعة أو «منطقة نفوذ». وما جاء من ذلك في العربية يبين أن مفهوم الإقطاع ممثل فيها بالمعنى المعروف اليوم، وأن أسلوب الإقطاع كان معروفاً عند العرب المسلمين في فجر الإسلام، قبل أن يصبح نظاماً عاماً أو نمط إنتاج ونمط حياة. والأرجح أنهم لم يبتدعوه، فجذوره ضاربة في حضارات الأحواض النهرية وأنماط الإنتاج القديمة القائمة على الملكية الخاصة للأرض في نطاق ملكية الدولة. فقد كانت ملكية الأرض القاعدة العرفية، ومن ثم الحقوقية التي قامت عليها المجتمعات والدول حتى نهاية عصور الإقطاع. وتشير مصادر عدة إلى أن هذا الأسلوب كان عنصراً من عناصر النظام الاجتماعي الاقتصادي الذي جاء به الإسلام، وميز الحضارة العربية الإسلامية. فالإقطاع يكون في الأرض الموات وفي الأرض غير المملوكة وفي أرض الخراج وفي العقارات والمرافق التي ينتفع بها ويرتزق منها، وفي الأنهار والقنوات أيضاً، ويكون تمليكاً وإرفاقاً، يقتطعه ولي الأمر أو يستصفيه لنفسه، أو يمنحه لغيره ممن يصطفيهم أو يستعملهم، في الأقاليم، أو ممن يؤالفهم، لقاء خدمات يؤدونها له. وتسمى الأرض المقطعة قطيعة، أو إقطاعاً. وتطلق القطيعة أحياناً على الضريبة، كما كانت الحال في العهد الأيوبي. وقد تطلق كلمة إقطاعية على الجنود المُقطَعين. وأطلق لفظ المُقاطَعَة، أحياناً، على كِتَابِ الإقطاع في العصر العباسي، وشمل أيضاً المال الذي يدفعه المقاطع للأمير، كما حدث حين قاطع الخليفة الراضي عماد الدولة البويهي على ما بيده من بلاد فارس بمبلغ ثلاثمائة ألف ألف درهم في السنة. ومن الإقطاعات ما هو مرتجع، يسترجعه ولي الأمر ويقطعه ثانياً، أو يرده المقطع نفسه ليعتاض غيره.
يحيل مصطلح الإقطاعية على نظام اجتماعي اقتصادي قوامه الإنتاج الزراعي وما يقتضيه من حرفة وتجارة، وعلى نظام سياسي مراتبي ذي طابع عسكري يقوم على الولاء الشخصي والامتيازات. وقاعدته العامة في تداول السلطة وحيازة الثروة هي القوة والغلبة وخضوع المحكومين. وهو منظومة من الأعراف والحقوق المختلفة والمتعارضة على العين الواحدة، ولاسيما على الأرض، وما ينجم عن ذلك كله من تمثلات ثقافية ومنظومات قيمية وأخلاقية. فالعلاقات الاجتماعية السياسية وعلاقات الإنتاج تتحدد دوماً بأنماط الملكية، وكانت الملكية، ولاسيما ملكية الأرض، في أكثر الحالات، مصدراً للتنافس والمنازعات والحروب بين الفئات الاجتماعية في المجتمع الواحد وبين الدول والشعوب، وكثيراً ما كانت تلك المنازعات والحروب تنتهي بتركيز ملكية الأرض في أيدي الغالبين. ويمكن القول: إن نظام الإقطاع كان السمة الأساسية للنظام الاجتماعي الاقتصادي، أو لنمط الإنتاج في العصور الوسطى. ومبدؤه هو ميل الحاكم المحلي إلى الاستقلال بما تحت يده، جراء ضعف الدولة المركزية وسيطرة أصحاب النفوذ على مقدراتها، واستقلال الولاة وحكام الأقاليم في ولاياتهم واستئثارهم بثرواتها، ونزوع كل منهم إلى زيادة ثروته وقوته وبسط سلطانه على الأقاليم المجاورة، وتحولهم إلى أمراء وملوك يقطعون من هم دونهم من الزعماء والأعيان المحليين، مع بقاء روابطهم بالدولة المركزية اسمياً يؤدون لها الخراج ويسهمون في أعمالها الحربية. وهكذا يغدو الإقطاع علاقة أساسية تحدد جميع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تلك الدولة.