فلسفة قارية
مجموعة من الآراء والتوجهات الفلسفية التي ظهرت في القرنين التاسع عشر والعشرين في أوروبا القارية. / من ويكيبيديا، الموسوعة encyclopedia
عزيزي Wikiwand AI, دعنا نجعلها قصيرة من خلال الإجابة ببساطة على هذه الأسئلة الرئيسية:
هل يمكنك سرد أهم الحقائق والإحصائيات حول فلسفة قارية?
تلخيص هذه المقالة لعمر 10 سنوات
الفلسفة القارية هي مجموعة من الآراء والتوجهات الفلسفية التي ظهرت في القرنين التاسع عشر والعشرين في أوروبا القارية.[1][2] كان أول ظهور لهذا المصطلح بين الفلاسفة المتكلمين باللغة الإنجليزية في النصف الثاني من القرن العشرين، وذلك للإشارة إلى عدد من المفكرين وإلى عدد من التقاليد الفلسفية خارج المدرسة التحليلية.
تتضمن الفلسفة القارية عدداً من المذاهب والمدارس الفلسفية مثل: المثالية الألمانية والظاهراتية والوجودية (من ضمنها آراء كيركغور ونيتشه) والتأويلية والبنيوية وما بعد البنيوية بالإضافة إلى آراء فرويد في التحليل النفسي والنظرية النقدية في مدرسة فرانكفورت والآراء المتعلقة بالماركسية الغربية.[3][4]
ومن الصعب تحديد جميع الدعاوي المشتركة بين كل المذاهب السابق ذكرها. فمصطلح الفلسفة القارية يتشابه مع قرينه، الفلسفة التحليلية، في كونه مبهم التعريف وغير واضح، بل قد يكون مجرد مصطلح يوحد جميع تلك المذاهب المتفرقة عن طريق صلة عائلية وليس عن طريق أي سمات مشتركة بينهم. بينما اعترض سايمون جلنديننج على هذا المصلطح زاعما أنه أقرب إلى مصطلح ساخر عن كونه مصطلح تعريفي، ولذا يستخدمه أتباع الفلسفة التحليلية في استحقار ونبذ الفلاسفة الغربيين ممن يرفضون آرائهم.[5] ورغم كل ما سبق، فقد تكبد مايكل روسن عناء تعيين وتمييز السمات المشتركة التي تتسم بها الفلسلفة القارية عادةً.[6] وذلك كما يلي:
- أولا، فإن الفلاسفة القاريين يرفضون الرأي القائل بأن العلوم الطبيعية هي خير وسيلة لفهم الظواهر الطبيعية. وذلك على خلاف تام مع الكثير من أتباع الفلسفة التحليلية، والذين يرون أن تساؤلاتهم ونظرياتهم يجب أن تكون متسقة مع العلوم الطبيعية، بل وخاضعة إليها أيضا. وذلك بينما يدعي الفلاسفة القاريون أن العلوم الطبيعية قائمة على «مجموعة من الخبرات البشرية التي تسبق النظرية العلمية» (وهو مفهوم مشابه لمفهوم كانط عن عوامل نشوء التجارب المعاشة أو عالم الحياة «بالألمانية: lebenswelt»). ففي اعتقادهم أن العلوم الطبيعية لا تنفذ إلى كينونة الأشياء والعمليات الفيزيائية، ولا تستطيع تفسير التجارب البشرية أو وصفها وصفًا صادقًا.[7]
- ثانيًا، تعتبر الفلسفة القارية أن العوامل التي تخضع إليها التجارب البشرية هي عوامل متغيرة: فهي تتكون (جزئيًا على أقل تقدير) تحت تأثير عوامل معينة مثل السياق الظرفي، والزمان، والمكان، واللغة، والثقافة، والسياق التاريخي. وبهذا نلاحظ وجود نزعة تاريخانية (أي مبدأ أخذ الأسيقة الزمنية والجغرافية والثقافية في الاعتبار، وتبني مبدأ النسبية، ورفض المفاهيم المطلقة الغير قابلة للتأويل) تتميز بها الفلسفة القارية. وعلى النقيض، فإن الفلسفة التحليلية تتعامل مع كل مشكلة على أنها منفصلة وقائمة بذاتها، يمكن تحليلها بعد تجريدها من كل أصولها التاريخية، وهو نفس المبدأ الذي يتبناه علماء الطبيعة، وهو أن تاريخ العلوم ليس عنصرًا مهمًا في التساؤلات العلمية. بينما يدعي الفلاسفة القاريون أنه لا يجوز للحجج الفلسفية أن تتنصل من العوامل الظرفية والنصية التي أدت إلى ظهورها تاريخيًا من الأساس.[8]
- ثالثًا، تصر الفلسفة القارية عادةً على أنه بوسع الإدراك البشري أن يغير عوامل نشوء التجربة المعاشة، فالدعوى المطروحة هنا هي: لو كانت التجربة البشرية حادثًا خاضعًا للصدفة، فمن الممكن أن يعاد تكوينها في صور أخرى.[9] ومن هنا يسعى الفلاسفة القاريون بشغف بالغ في التوفيق بين النظرية والتطبيق، وكثيرًا ما يزعم هؤلاء الفلاسفة أن نظرياتهم تعكس التحول الملحوظ في شخصياتهم، أو في المنظومات الأخلاقية، أو في سياسة بلدانهم. وقد نرى هذه النزعة واضحة في المذهب الماركسي (فقد قال ماركس في أطروحته: «حتى الآن سعى الفلاسفة إلى تفسير وتأويل الطريقة التي نرى بها العالم، وكل منهم لديه مذهبه. لكن الهدف الأسمى من ذلك هو تغيير هذا العالم على الواقع».)، وهي سمة محورية في الفلسفة الوجودية وما بعد البنيوية كذلك.
- وأخيرًا، توجد سمة أخرى تتميز بها الفلسفة القارية، ألا وهي التركيز على ما وراء الفلسفة (أو فلسفة الفلسفة). ففي ضوء تطور ونجاح العلوم الطبيعية، سعى الفلاسفة القاريون إلى وصف طبيعة علم الفلسفة والمذهب الفلسفي وصفًا واضحًا.[10] وفي بعض المدارس (مثل المثالية الألمانية وفلسفة الظواهر) تظهر هذه النزعة في محاولة تأويل المفهوم التقليدي الشائع عن الفلسفة، والذي ينص على أن الفلسفة هي حجر الأساس لكل العلوم البشرية. وفي بعض المدارس الأخرى (الفلسفة النقدية، والتأويلية، والبنيوية) يوجد إجماع على أن المجال الذي تختص به الفلسفة له طابع ثقافي أو عملي غير قابل للاختزال. أما بعض الفلاسفة الآخرين، مثل نيتشه وكيركغارد ولاحقًا هايدجر وديريدا، يشككون في مقدرة الفلسفة على تحقيق أي من أهدافها المعلنة.
وفي النهاية، فإن السمات السابق ذكرها مشتقة من أفكار كانط، والتي تنص على أنه أفضل طريقة لفهم العوامل والقواعد التي تقيد المعرفة، والتجارب البشرية، والواقع، هي التدبر والتأمل الفلسفي، وذلك عوضًا عن الاكتفاء بالمنهج التجريبي في الاستقصاء.[11]